في عددها السادس عشر، تسلّط مجلة "القرآن والاستشراق المعاصر" الضوء على التحولات المنهجية في الدراسات الغربية الحديثة حول القرآن الكريم. يقدم العدد مقاربات متعددة للدراسات الاستشراقية المعاصرة، مستعرضًا تطور أدوات الباحث في هذا المجال من التحليل اللغوي والنصي الضيق إلى النظريات متعددة الحقول التي تدمج النقد الأدبي، ودراسات ما بعد الكولونيالية، والأنثروبولوجيا، وعلوم الدين المقارنة. يعرض العدد كيف غدت الرؤية إلى القرآن أكثر ديناميكية، بوصفه خطاباً حيًا يمكن أن يُقرأ في سياقاته الاجتماعية والثقافية والسياسية المتغيرة، بعكس الرؤية التقليدية التي كانت تحصر القرآن في وثيقة دينية تاريخية مغلقة.
تتميز النشرة بالتنوع؛ فهي تجمع بين تحليلات أكاديمية عن شخصيات بارزة مثل المستشرق أوري روبين، وتغطي فعاليات علمية حديثة تناولت القرآن في سياقات مغاربية استعمارية وما بعد استعمارية، وطبعت الأنشطة العلمية بمعرض "القرآن في عيون الآخرين" ومؤتمرات بحثت بناء السور الكبرى والعلاقة بين القرآن والعلم، وتاريخ وتقنيات إنتاج المصاحف والمخطوطات. كما يقدم العدد خلاصات ونقدات لتسعة إصدارات أكاديمية حديثة تطرقت لموضوعات البلاغة والصوتيات والتفسير الفقهي وسياسات ترجمة النص القرآني، إلى جانب بحوث مختارة من الدوريات القرآنية الدولية.
من خلال هذه الأبواب المتنوعة، تعكس المجلة الحراك الفكري الراهن في الغرب، الذي يتسم بحوار متعدد التخصصات وانفتاح على قضايا اللغة والهوية والسلطة في تفسير القرآن، مع بروز مقاربات نقدية تراجع المسلّمات القديمة وتطرح تساؤلات جديدة حول النزول والتدوين والتأويل. يبرز العدد بوصفه نافذة فريدة لرصد اتجاهات الاستشراق الحديث وجهوده في إعادة التفكير بالنص القرآني وموقعه في العالم المعاصر.